الحمد لله وبعد ...
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى : ( إن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون
الصفات لله تعالى ، ويقولون : إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق ، ويقولون : إن الله
يرى في الآخرة ، هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم ،
وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل الإمام مالك بن أنس والليث بن سعيد والأوزاعي وأبي
حنيفة والشافعي وأحمد ) .[منهاج السنة2/106]
وهذه طائفة من اقوال الإمام العالم الرباني مالك بن أنس رحمه الله تعالى فيما
يعتقده في مسائل اصول الدين ...
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى : ( إن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون
الصفات لله تعالى ، ويقولون : إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق ، ويقولون : إن الله
يرى في الآخرة ، هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم ،
وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل الإمام مالك بن أنس والليث بن سعيد والأوزاعي وأبي
حنيفة والشافعي وأحمد ) .[منهاج السنة2/106]
وهذه طائفة من اقوال الإمام العالم الرباني مالك بن أنس رحمه الله تعالى فيما
يعتقده في مسائل اصول الدين ...
***********************
أ - قوله في التوحيد :
(1) أخرج الهروي عن الشافعي قال : سُئل مالك عن الكلام والتوحيد ، فقال مالك : (
محال أن يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم ، أنه علَّم أمته الاستنجاء ولم يعلمهم
التوحيد ، والتوحيد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم : (( أمرت أن أقاتل الناس
حتى يقولوا لا إله إلا الله )) فما عصم به المال والدم حقيقة التوحيد ) . [ذم
الكلام (ق - 210 )].
(2) وأخرج الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال : ( سألت مالكاً والثوري والأوزاعي
والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات فقالوا: أمروها كما جاءت ) . [أخرج هذا
الدارقطني في الصفات ص 75 ، والآجري في الشريعة ص 314 ، والبيهقي في الاعتقاد ص
118 ، وابن عبد البر في التمهيد (7/149)] .
(3) وقال ابن عبد البر : ( سُئل مالك أيُرى الله يوم القيامة ؟ فقال : نعم يقول
الله عزّ وجل : { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } . وقال لقوم آخرين : { كلا
إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون } . [الانتقاء ص 36] .
وأورد القاضي عياض في ترتيب المدارك (2/42) عن ابن نافع وأشهب قالا : وأحدهم يزيد
على الآخر يا أبا عبد الله { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } ينظرون إلى الله ؟
قال : نعم بأعينهم هاتين ؛ فقلت له : فإن قوماً يقولون لا ينظر إلى الله ، إن
ناظرة بمعنى منتظرة إلى الثواب قال : كذبوا بل ينظر إلى الله ، أما سمعت قول موسى
عليه السلام : { رب أرني أنظر إليك } أفترى موسى سأل ربه محالاً ؟ فقال : { لن
تراني } أي في الدنيا لأنها دار فناء ، ولا ينظر ما يبقى بما يفنى ، فإذا صاروا
إلى دار البقاء نظروا بما يبقى إلى ما يبقى وقال الله : { كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ
لمحجوبون } .
(4) وأخرج أبو نعيم عن جعفر بن عبد الله قال : ( كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل
فقال : يا أبا عبد الله ، الرحمن على العرش استوى ، كيف استوى ؟ ، فما وجد مالك من
شيء ما وجد من مسألته ، فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرحضاء -
يعني العرق - ثم رفع رأسه ورمى بالعود وقال : الكيف منه غير معقول ، والاستواء منه
غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج )
. [الحلية (6/ 326،325)].
(5) وأخرج أبو نعيم عن يحيى بن الربيع قال : ( كنت عند مالك بن أنس ودخل عليه رجل
فقال يا أبا عبد الله ، ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق؟. فقال مالك : زنديق
فاقتلوه ، فقال : يا أبا عبد الله ، إنما أحكي كلاماً سمعته . فقال : لم أسمعه من
أحد ، إنما سمعته منك ، وعظم هذا القول ) . [الحلية 6/325] .
(6) وأخرج ابن عبر البر عن عبد الله بن نافع قال : ( كان مالك بن أنس يقول من قال
القرآن مخلوق يوجع ضرباً ويحبس حتى يتوب ) . [الانتقاء ص 35] .
(7) وأخرج أبو داود عن عبد الله بن نافع قال : ( قال مالك : الله في السماء وعلمه
في كل مكان ) . [ رواه أبو دواد في مسائل الإمام أحمد ص 263] .
***********************
ب - قوله في القدر :
(1) أخرج أبو نعيم عن ابن وهب قال : ( سمعت
مالكاً يقول لرجل سألتني أمس عن القدر ؟ قال : نعم ، قال : إن الله تعالى يقول : {
ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس
أجمعين } . فلا بد أن يكون ما قاله الله تعالى ) . [الحلية (6/326)] .
(2) وقال القاضي عياض : ( سُئل الإمام مالك عن القدرية : مَن هم ؟ قال : من قال :
ما خلق المعاصي ، وسُئل كذلك عن القدرية ؟ قال : هم الذين يقولون إن الاستطاعة
إليهم إن شاءوا أطاعوا وإن شاءوا عصوا ) . [ترتيب المدارك (2/48)] .
(3) وأخرج ابن أبي عاصم عن سعيد بن عبد الجبار قال : ( سمعت مالك بن أنس يقول :
رأيي فيهم أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا - يعني القدرية - ) . [السُنة لابن
أبي عاصم (1/ 88،87)] .
(4) وقال ابن عبد البر : ( قال مالك : ما رأيت أحداً من أهل القدر إلا أهل سخافة
وطيش وخفة ) . [الانتقاء ص 34] .
(5) وأخرج ابن أبي عاصم عن مروان بن محمد الطاطري قال : ( سمعت مالك بن أنس يسأل
عن تزويج القدري ؟ فقرأ : { ولعبد مؤمن خيرٌ من مشرك } . . . ) . [الانتقاء ص 34]
.
(6) وقال القاضي عياض : ( قال مالك : لا تجوز شهادة القدري الذي يدعو إلى بدعته ،
ولا الخارجي والرافضي ) . [ترتيب المدارك (2/47)] .
(7) وقال القاضي عياض : ( سُئل مالك عن أهل القدر أنكف عن كلامهم ؟ قال : نعم إذا
كان عارفاً بما هو عليه ، وفي رواية أخرى قال : لا يُصلى خلفهم ولا يقبل عنهم
الحديث وإن وافيتموهم في ثغر فأخرجوهم منه ) . [ترتيب المدارك (2/47)] .
***********************
ج - قوله في الإيمان :
(1) أخرج ابن عبد البر عن عبد الرزاق
بن همام قال : ( سمعت ابن جريح وسفيان الثوري ومعمر بن راشد وسفيان بن عيينه ومالك
بن أنس يقولون : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) . [الانتقاء ص 34] .
(2) وأخرج أبو نعيم عن عبد الله بن نافع قال : ( كان مالك بن أنس يقول : الإيمان
قول وعمل ) . [الحلية (327/6)] .
وأخرج ابن عبد البر عن أشهب بن عبد العزيز قال : ( قال مالك : فقام الناس يصلون
نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً ، ثم أُمروا بالبيت الحرام فقال الله تعالى : { وما
كان الله ليضيع إيمانكم } أي صلاتكم إلى بيت المقدس ، قال مالك : وإني لأذكر بهذه
قول المرجئة : إن الصلاة ليست من الإيمان ) . [الانتقاء ص 34] .
***********************
د - قوله في الصحابة :
(1) أخرج أبو نعيم عن عبد الله العنبري
قال : ( قال مالك بن أنس : من تَنَقَّصَ أحداً من أصحاب رسول الله صلى اله عليه
وسلم ، أو كان في قلبه عليهم غل ، فليس له حق في فيء المسلمين ، ثم تلا قوله تعالى
: { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان
ولا تجعل في قلوبنا غلاً } . فمن تنقصهم أو كان في قلبه عليهم غل ، فليس له في
الفيء حق ) . [الحلية 327/6] .
(2) وأخرج أبو نعيم عن رجل من ولد الزبير قال : ( كنا عند مالك فذكروا رجلاً
يَتّنقَّص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأ مالك هذه الآية : { محمد
رسول الله والذين معه أشداء - حتى بلغ - يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار } . فقال
مالك : من أصبح في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد
أصابته الآية ) . [الحلية (327/6)] .
(3) وأورد القاضي عياض عن أشهب بن عبد العزيز قال : ( كنا عند مالك إذ وقف عليه
رجل من العلويين وكانوا يقبلون على مجلسه فناداه : يا أبا عبد الله فأشرف له مالك
، ولم يكن إذا ناداه أحد يجيبه أكثر من أن يشرف برأسه ، فقال له الطالبي : إني
أريد أن أجعلك حجة فيما بيني وبين الله ، إذا قدمت عليه فسألني ، قلت له : مالك
قال لي . فقال له : قُل . فقال : من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
؟. فقال : أبو بكر ، قال العلوي : ثم مَن ؟ قال مالك : ثم عمر . قال العلوي : ثم
من ؟ قال : الخليفة المقتول ظلماً ، عثمان . قال العلوي : والله لا أجالسك أبداً .
فقال له مالك : فالخيار إليك ) . [ترتيب المدارك (44/2-45)] .
***********************
هـ - نهيه عن الكلام والخصومات في الدين :
(1) أخرج
ابن عبد البر عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال : ( كان مالك بن أنس يقول : الكلام
في الدين أكرهه ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه ، نحو الكلام في رأي جهم
والقدر وكل ما أشبه ذلك ، ولا يحب الكلام إلا فيما تحته عمل ، فأما الكلام في دين
الله وفي الله عزّ وجل فالسكوت أحَبُّ إليَّ لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام
في الدين إلا فيما تحته عمل ) . [جامع البيان وفضله ص 415 ، ط / دار الكتب
الإسلامية] .
(2) وأخرج أبو نعيم عن عبد الله بن نافع قال : ( سمعت مالكاً يقول : لو أن رجلاً
ركب الكبائر كلها بعدَ ألا يشرك بالله ثم تخلّى من هذه الأهواء والبدع - وذكر
كلاماً - دخل الجنة ) .
(3) وأخرج الهروي عن إسحاق بن عيسى قال : ( قال مالك : من طلب الدين بالكلام
تزندق ومن طلب المال بالكيمياء أفلس ومن طلب غريب الحديث كذب ) . [ذم الكلام (ق
173-أ) .
(4) وأخرج الخطيب عن إسحاق بن عيسى قال : ( سمعت مالك بن أنس يعيب الجدال في الدين
ويقول : كلما جاءنا رجل أجدل من رجل أرادنا أن نرد ما جاء به جبريل إلى النبي صلى
الله عليه وسلم ) . [شرف أصحاب الحديث ص 5] .
(5) وأخرج الهروي عن عبد الرحمن بن مهدي قال : ( دخلت على مالك وعنده رجل يسأله
فقال : لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد ، لعن الله عمرو بن عبيد فإنه ابتدع هذه البدعة
من الكلام ، ولو كان الكلام علماً لتكلَّم فيه الصحابة والتابعون كما تكلموا في
الأحكام والشرائع ) . [ذم الكلام (ق 173-ب)] .
(6) وأخرج الهروي عن أشهب بن عبد العزيز قال : ( سمعت مالكاً يقول : إيّاكم والبدع
، قيل يا أبا عبد الله ، وما البدع ؟ قال : أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله
وصفاته وكلامه وعِلْمه وقدرته ولا يسكتون عمّا سكت عنه الصحابة والتابعون لهم
بإحسان ) . [ذم الكلام (ق 173-أ)] .
(7) وأخرج أبو نعيم عن الشافعي قال : ( كان مالك بن أنس إذا جاءه بعض أهل الأهواء
قال : أما إني على بيّنة من ربي وديني ، وأما أنت فاذهب إلى شاكً فخاصمه ) .
[الحيلة (324/6)] .
(8) روى ابن عبد البر عن محمد بن أحمد بن خويز منداد المصري المالكي قال في كتاب
الإجارات من كتابه الخلاف : قال مالك لا تجوز الإجارات في شيء من كتب الأهواء
والبدع والتنجيم وذكر كتباً ثم قال : وكتب أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هي كتب
أصحاب الكلام من المعتزلة وغيرهم وتفسخ اجارة في ذلك ) . [جامع بيان العلم وفضله ص
416 ، 417 ط / دار الكتب الإسلامية] .